ملتقى بلدة مهين

كتاب مهين كما رأيتها

recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

تربية الأولاد

 

ما زال الأولاد الذكور لهم الحظوة الكبرى لدى المجتمع، فالفرحة بولادتهم لدى شريحة كبيرة من الناس لا يدانيها فرحة، ومع هذا ليس هناك تمييز في المعاملة أو التربية منذ الولادة لدى الجميع حتى يكبروا. وفي القديم ودرءًا للعين وحفظاً من التابعة يعلق في كتف المولود حجاباً تأتي به الجدة على الأغلب من أحد الشيوخ المعروفين بكتابة الحجب، وربما تعلق في قماطه كفاً أزرق (تميمة) لحفظه من العين والحسد، وقد يربط في شعر رأسه بعد أن يصبح عمره بضعة أشهر، وهذا الأمر لا يقتصر على المواليد الذكور بل الإناث أيضاً.


وفي حالة المرض أو كثرة بكاء الطفل كان يشار على الأهل بأن الطفل معيون أي مصاب بعين وعليهم أن يعالجوه بصب الرصاص فوق رأسه، فيؤتى بكرة رصاص صغيرة كانت تباع في الدكاكين وبواسطة ملعقة كبيرة يتم تذويبها على النار، ثم يمسك فوق رأس الطفل بوعاء فيه ماء فيصب الرصاص المذاب في الماء فيبرد سريعاً متشكلاً بأشكال مختلفة داخل الماء محدثاً صوت تش تش ، ويكرر هذا العمل عدة مرات. وبعد معرفة أنه لا جدوى من هذا العمل تم تركه تدريجياً.


   وفي مرحلة لاحقة كانت كثير من النساء تستعين بسيدة اشتهرت بقدرتها على معرفة مشاكل الطفل الرضيع والمساعدة في شفائه، وخاصةً ما كان يتعلق بالمغص والعوار. والعوار هو الأذى الذي يلحق بكتف الطفل بسبب حمله على الشكل الذي لا يراعي جسمه الغض، فكانت السيدة وصفية حجازي المعروفة بأم بدر تقوم بدهن جسم الطفل بزيت الزيتون وخاصة البطن والأكتاف، ثم تقوم بالتمسيد إلى أن ترى أن الأمر قد قضي وعادت الأمور إلى طبيعتها.


ومن الخرافات المتداولة بين النساء أن الطفل يكون ذو شخصية قوية مستقبلاً (وتعبر عن ذلك بذي عين قوية) إذا تم غسل وجهه ببول شاب أسمر، فإذا تأخر نطقه فيجب أن يشوى له عصفور ميت. وكانت مجرد أقاويل ومن المحتمل أن تكون مطبقة في عهد سابق.


ومن الأساليب التي كان يعمد إليها الأهالي في ضبط أطفالهم الصغار عند لعبهم وشغبهم وخاصة في الليل هو إخافتهم بالحرامي أو الغول أو الضبع، وابتدع البعض عبارات مثل (حمّال طيزو على الطبق) ولا يمكن لطفل أن يتخيل شكل هذا الحمّال العجيب مع أنه وصف مختلق لصحن الطعام. وبالنسبة للغول والضبع وغيرهما فقد كانت ترد كثيراً في قصص الكبار، وهي من حكايات خيالية متوارثة، ومنها حوادث حقيقية جرت مع البعض وتناقلتها الألسن حسب تذكرها.


وعلى النقيض من هذا كانت طاسة الرعبة التي لا يخلو منها بيت تستخدم لعلاج الخوف الذي يصيب الأطفال فجأة، وتستخدم للكبار أيضاً وهي عبارة عن زبدية مصنوعة من المعدن اللامع وقد كتب في داخلها أية الكرسي وبعض الأدعية، ولها أشكال متعددة فيشرب الخائف ماء بها ليذهب خوفه.




وفي لعب الأولاد كانت هناك بعض الألعاب التي يلعبها الذكور والإناث على حد سواء مثل اللقسة (وهي خمس من الحصى الصغيرة)، و(الدوش) وهو مخطط على الأرض على شكل مربعات يقفز فيها الطفل من مربع لآخر على رجل واحدة، واللاقوط حيث يركض أحدهم لمسك الأخرين، وكذلك لعبة الاختباء. 

ويتميز الذكور باللعب بالكرة والسباحة في البرك المعدة لدواليب الهواء والصيد بالمطاط والفخ و يمكنهم الذهاب إلى البرية القريبة حول البلدة لصيد الحمّر والعصافير واستخراج التمّير والقفعرور والحللاو وهي نباتات لها جذور تؤكل وذلك في موسم الربيع والصيف. وكانوا يقلدون الكبار بقيادة السيارة وذلك بصنع دواليب من أسلاك قاسية وتوصل من وسطها بعصا طويلة وكان نبات الزل هو الشائع لخفته ومتانته، ويتم عمل دائرة كبيرة من نفس نوع السلك وتمثل مقود السيارة وتوضع من الطرف الآخر لعصا الزل، ويهتم الأطفال بتزيينها ورتابتها، ومنهم من يصنع لها عربة يقطرها من الخلف وتكون من بقايا علبة من الحديد غير القاسي وكانت تسمى كرّاجي.





عن الكاتب

mohamed mustafa

التعليقات


جميع الحقوق محفوظة

ملتقى بلدة مهين